الدوري المصري هو أقدم مسابقة كروية في قارة أفريقيا وفي منطقة الشرق الأوسط.. انطلق عام 1948 أي قبل أي مسابقة في قارة أفريقيا وأيضا في الوطن العربي ولكن رغم ذلك تراجع مستواه عن العديد من المسابقات في الدول المحيطة وأصابته الأمراض من كل اتجاه حتي صارت مشاكله أكبر من مميزاته.
وانطلاقا من حرص "الجمهورية" علي الوقوف علي حقائق هذه المسابقة التي بدأت تتناقلها الفضائيات في كل أنحاء الوطن العربي وأصبحت محل مشاهدة من نحو مليار مشاهد حول العالم فإننا نستعرض في حلقات أزمات وأمراض الدوري المصري التي لو تم علاجها بصدق سيعود للمسابقة رونقها وحيويتها وستعود أيضا إلي ريادتها في المنطقة.
وفي الحلقة الأولي اليوم نتناول مرضا خطيرا من أمراض الدوري المصري وهو غياب المنافسة علي القمة التي أصبحت فردية في السنوات الأخيرة مما أفقد المسابقة الكثير من إثارتها التي تكمن في المقام الأول في اشتعال المنافسة علي اللقب حتي الأسبوع الأخير.
نموذج أسباني
المنافسة علي القمة وبقاء هذه المنافسة حتي الرمق الأخير يعتبر عنصرا هاما من عناصر نجاح المسابقة وبريقها ونضرب هنا مثالا بالدوري الأسباني في الموسم الماضي عندما ظلت المسابقة ليس فقط حتي الأسبوع الأخير وإنما حتي الثانية الأخيرة من آخر أسابيع الدوري ووقتها كانت المسابقة تتوقف علي هدف هنا أو هدف هناك في مباريات ريال مدريد وبرشلونة وأشبيلية حتي فاز ريال مدريد باللقب بعد تساويه مع برشلونة في عدد النقاط وجاء الفوز فقط طبقا للائحة التي تنص علي الرجوع إلي نتيجة الفريقين معا في مباراتي الذهاب والعودة.
وفي المقابل لم يشهد الدوري المصري علي مدي السنوات الخمس الأخيرة أي منافسة علي اللقب ففاز الزمالك بالمسابقة بفارق كبير من النقاط في موسم 2003/2004 ثم فاز الأهلي باللقب 4 مرات متتالية أيضا بفارق كبير من النقاط وقبل نهاية المسابقة بعدة أسابيع حتي هذا الموسم.
وانعدام المنافسة علي القمة واقتصارها علي القاع جعل من الدوري المصري مسابقة هزيلة تفتقد للإثارة وعنصر الجذب الجماهيري فهجرت الجماهير المدرجات التي أصبحت شبه خاوية في أغلب المباريات حتي تلك التي يكون طرفاها الأهلي والزمالك.
الحسم المبكر
عادة الدوري المصري هي أن يحسم فريق الفوز باللقب قبل النهاية والدليل أنه إحصائيا حسم الدوري مبكرا في 32 مسابقة من أصل 51 تمت حتي الآن بما فيها هذا الموسم الذي حسم فيه الأهلي اللقب قبل النهاية بخمسة أسابيع وكان بإمكانه لولا التعادلات الأخيرة أن يحسم اللقب قبل النهاية بسبعة أو ثمانية أسابيع.
وظلت مسابقة الدوري معلقة حتي الأسابيع الأخيرة في 19 مسابقة وهي نسبة تمثل 37% فقط بينما حسم الدوري مبكرا في 63% من مجموع مسابقات الدوري.
ومن بين المسابقات ال 19 التي ظل الدوري فيها معلقا كان هناك 3 مواسم منها بنظام دوري المجموعتين في مواسم 62/63 و63/64 و75/76 بينما جرت مباريات فاصلة أيضا في مواسم 90/91 و93/94 بين الأهلي والزمالك بالتحديد عندما تساويا في نهاية المسابقة في عدد النقاط وكانت اللائحة تشير إلي إقامة مباراة فاصلة في حالة التساوي في عدد النقاط وعدم الأخذ بنظام الحسم بفارق الأهداف.
وفي باقي المسابقات كان الحسم مبكرا وبفارق كبير من النقاط ونذكر الأمثلة في آخر 5 مواسم.
** في موسم 2003/2004 حسم الزمالك اللقب قبل النهاية بأربعة أسابيع بعد فوزه علي الأهلي في الأسبوع الثاني والعشرين 2/1 وتفوقه وقتها بفارق 12 نقطة وهبطت إلي 9 نقاط في النهاية.
** في موسم 2004/2005 كان اللقب الأسرع وحسمه الأهلي قبل النهاية ب 8 أسابيع وأنهي المسابقة بفارق 31 نقطة عن إنبي صاحب المركز الثاني وهو أكبر فارق في تاريخ المسابقة.
** وفي موسم 2005/2006 حسم الأهلي اللقب قبل النهاية ب 14 نقطة قبل الزمالك أقرب ملاحقيه وحسم اللقب قبل النهاية بخمسة أسابيع.
** وفي موسم 2006/2007 حسم الأهلي اللقب أيضا قبل النهاية بخمسة أسابيع وأراح وقتها جوزيه 10 لاعبين من الأساسيين وأكمل المسابقة بالبدلاء والناشئين وخسر وقتها أمام الإسماعيلي والزمالك في ختام المسابقة.
** وفي الموسم الحالي 2007/2008 حسم الأهلي اللقب قبل النهاية بخمسة أسابيع وكرر جوزيه اللعب بالبدلاء والصاعدين.
ومن هنا يتضح أن الدوري المصري يعاني من مرض هام وهو الحسم المبكر الذي يقتل المسابقة وحلاوتها علما بأن أقوي المسابقات تاريخيا كانت تلك التي تعلقت نتائجها حتي الأسابيع الأخيرة ويذكر منها بعض الأمثلة التي ظل فيها الدوري معلقا حتي النهاية.
** في موسم 77/78 ظل الأهلي والزمالك يسيران نقطة بنقطة حتي الأسبوع الأخير وكان الزمالك يتفوق علي الأهلي بفارق 3 أهداف وكانت المباراة الأخيرة بين الأهلي والمحلة في القاهرة والإسماعيلي والزمالك في الإسماعيلية وفاز الأهلي في القاهرة 4/صفر والزمالك في الإسماعيلية 2/صفر وفاز الزمالك بالدوري بفارق هدف بعد تساوي الفريقين في رصيد41 نقطة وسجل الزمالك 41 هدفا وعليه 7 بينما سجل الأهلي 41 هدفا وعليه .8
** في موسم 80/81 ظلت المسابقة معلقة حتي الأسابيع الأخيرة وحقق الأهلي اللقب في الأسبوع الأخير بفارق نقطة واحدة حيث حصل علي 41 نقطة مقابل 40 نقطة للزمالك.
** وفي موسم 87/88 تعلق الأمر أيضا بالأسبوع الأخير في مباراة القمة بين الأهلي والزمالك وكان الأهلي متقدما بفارق 3 نقاط ولعب الفريقان بالناشئين لانضمام اللاعبين للمنتخب وفاز الزمالك 2/1 وحقق اللقب بفارق الأهداف بعد تساوي الفريقين في رصيد النقاط "53 نقطة لكل فريق".
** وفي موسم 90/91 تساوي الأهلي والإسماعيلي في نهاية المسابقة في رصيد 51 نقطة لكل فريق ولجأ الفريقان لمباراة فاصلة واحدة أقيمت في المحلة وفاز الإسماعيلي 2/صفر.
وتكرر الموقف وتساوي الأهلي والإسماعيلي في موسم 93/94 ولعبا مباراة فاصلة فاز بها الأهلي 4/3 في الإسكندرية وحسم اللقب.